العامة

كيف تترك انطباع جيد في العمل في السويد

ترجمة: ليام الجندي

كان لدي طالبة قالت لي – بحماس، أن انطباعها عن السويد كان انها مثل ألمانيا ولكن على نحو أفضل وبعد سنوات قليلة قد تغير رأيها وقد كان رأيها عن السويد مؤخراً : انها ليست شبيهة بألمانيا على الإطلاق وليست على نحو أفضل ولا أسوأ، فقط مختلفة وخصوصاً عندما يتعلق الأمر بالعلاقات في العمل وأن جميع مُحاولاتها لفهم كيفية ترك انطباع جيد في العمل باءت بالفشل.

انها ليست الوحيدة التي لاحظت هذا الأمر

للوهلة الأولى، طبيعة العمل وإدارة الأعمال في السويد قد تبدو أنها مماثلة لتلك التي في أوروبا القارية. في رأيي، هذا قد عُزِّز من قبل السويديين، الذين هم على قناعة أننا مثل الكثير من جيراننا الأوروبيين. أو  تقريبا مثل الأوروبيين، واضعين في الاعتبار، بالطبع، أننا متقدمون بطريقة أو بأخرى في بعض الأشياء، أكثر تنظيماً، ومتمسكون بقواعد متفوقة في مجال الصحة والسّلامة، ونتمتّع بتوازن بين العمل والحياة والمساواة بين الجنسين وفي مؤسسات أكثر إنتاجية متخلصين من الفوارق الطبقيّة.

وبالإضافة إلى ذلك، نحن نعتقد أننا بطريقة أو بأخرى عصريّين جداً، وأننا مجتمع له خصوصياته الثقافية. و نعتقد أن الثقافة الوطنية شيء من الماضي، و هي الآن مقسمة إلى بضعة مناسبات فولكلورية وزّعت بالتساوي على مدار السنة.

وبصرف النظر عن هذا ، نحن نرى أنفسنا خاليين من أي عادات غريبة وغير منطقية, ونعطي لأنفسنا لقب المكان الأكثر طبيعية على الأرض. لتبرير هذا، ونحن نضع اللوم على lagom (التّوازن في أي شيء)، مدّعين أن أي شيء نقوم به لا يمكن أن يكون تطرفاُ.

في هذا الوهم، لايمكن لومنا على الانحياز في التواصل الثقافي, و سوء التفاهم عاداً يُأخذ بشكل شخصي. هناك حالات كثيرة نسبياً حيث أن قادمين جدد أو مهاجرين قدماء يسيئون تفسير نوايا زملائهم السويديين، أو على الأقل يشعرون بشيء من الارتباك.

اقرأ ايضاً جماعات متطرفة تدعو لحرق المساجد وقتل المسلمين

نعم أو لا

قد تعتقد أن نعم أو لا كلمتان واضحتان جداً في المعنى. ولكن، السويديين يعتبرون ارائك بأنها تنتمي إلى صميم روحك – الجزء الأكثر خصوصية, الذي ينبغي أن يُعامل بعناية وحذر. سنفعل ما بوسعنا لتجّنب التعبير عن وجهة نظر مختلفة، إذا كان هذا من شأنه أن يكشف مدى اختلافنا كأفراد.

الثقة، في السويد، مبنية على مدى التشابه الشخصي.وإن اختلفت الآراء، نحاول تجنب الحديث تماماً، عن طريق تغيير الموضوع من دون اتخاذ أي موقف.

لا توجد معايير لاستخدام تعابير لَبِقة عند رفض شيء ما ,عاداً مجرد الرفض كافي لأن يجعل من الأمر واضحاً للآخر، ولكن عدد قليل من الردود الشائعة في حال رفض أمر ما هي التالية:

– لا اعرف.

– من الممكن.

– مثير للاهتمام.

– سنتحدث عن ذلك لاحقا.

– نعم.

وكما يمكنك أن تتخيل، في أثناء محادثة ما, سوء الفهم غالباً ينشأ عندما يُأخذ الرفض المجمّل على أنه موافقة. ومن ثم يُتبع بالمناقضة الدّائمة. إذا لم تكن متأكدا حول مايقوله زميلك السويدي الذي يحاول أن يكون مهذباً. كقاعدة عامة (مستثنياً الموافقة الواضحة جداً)، وفي حال استخدامه الدائم لـ بالطبع, رائع, بالتأكيد… فمن المرجح أنه غير موافق على الأمر.

البريد الإلكتروني غير المهذب

وبعد فهم أن السويديين يفضّلون عدم البوح بآرائهم ، قد نعتقد أن المراوغة في الحديث هي الطريقة المُثلى لتكون مهذباً. ولكن، السويديّون يُميّزون بوضوح الحقائق من الآراء، وجهات نظر، أو التفضيلات الشخصية…. ونحن نعتقد أننا نقوم بخدمة كبيرة للمتلقّي عندما نتحدّث عن الحقائق بقدر المستطاع و بشكل مباشر. لا نستطيع أن نرى السبب في إخفاء الرسالة الحقيقية في أشكال معقّدة  أو مفردات صعبة الفهم لإظهار مدى إتقاننا اللغة.

لذلك، تعتبر رسالة بريد إلكتروني الأكثر حرفية وتهذيباّ هي التي تكون واضحة ومباشرة، واقعيّة وقصيرة قدر الإمكان. ولذلك نقوم بالحدّْ من محتوى البريد الإلكتروني إلى الحد الأدنى لتجنيب المتلقي جهد البحث عن الجزء الأكثر أهمية منه.

إذا كنت قادما من ثقافة حيث يتم توزيع الأشياء الصغيرة على مجمل الرسالة (مقدمة, صلب و خاتمة) ، قد تتفاجاً قليلاً إذا تلقيت رسالة بريد إلكتروني من هذا القبيل:

“مرحباً! لقد تم تأجيل الاجتماع إلى الساعة العاشرة. ألقاك هناك”

أو

“أحضر الوثائق المساء. D/”هذه أمثلة لرسائل الكترونية عمليّة ومهذبة بالنسبة للسّويديين.في الواقع, يجب أن تكون أكثر قلقاً في حال تلقيت رسالة كهذه:” سوف أكون ممتنّاً إن أمكنك إحضار الوثائق معك هذا المساء”

وهذه الأخيرة يمكن أن تكون الطريقة السويدية لـ :  أ) للإشارة إلى أن العلاقة رسمية

                                                               ب) تلميح أنك ربما لست قادرا على التعامل مع مثل هذه المسؤولية.

ترك انطباع جيد

أي شخص يأتي إلى مكان عمل جديد، غالباً سوف يحرص على إظهار مدى جديته في أداء هذا العمل، وأن يظهر لصاحب العمل أنه قد اتخذ  قراراً حكيما في توظيفه. في معظم البلدان، ترك هذا الانطباع  قد يشمل عمل لبضع ساعات إضافية، عدم أخذ الكثير من العطل، وتقديم أداء أفضل من زملاء العمل، أو محاولة تحسين إجراءات العمل الحاليّة.

و في هذه الحالة التوقعات قد تكون; الحفاظ على الوظيفة، أو ربما قد تكون راتب أعلى في آخر السنة  أو على الأقل بعض الكلمات اللطيفة من المدير.

السويديين يتبعوّن مساراً مختلفاّ. أولاً وقبل كل شيء، المجهود الذي نبذله هو ليس لمديرنا في العمل – ولكن لزملائنا. نحن السويديين نهنيء أنفسنا على ثقافة الإجماع لدينا، الأمر الذي يعني جميع القرارات – الرسمية وغير الرسمية، يفترض أن تقرّها المجموعة.

هذا له تأثير غريب عندما يتعلق الأمر بتقييم أداء الآخرين. يتم بناء القرار بعض المفاوضة و المناقشة بين المجموعة, وبعد أن يعطي الجميع رأيهم. النتيجة, الشخص الذي يفضلونه هو الوسط بين جميع الخيارات بحيث أن الجميع مدحوا شيئاً فيه.

وبطبيعة الحال، الأداء الجيد شيء إيجابي، لكنه بالتأكيد لن يكون الأولوية الأولى لزميلك السويدي عند الانضمام إلى مكان عمل جديد. بدلاً من ذلك، نحن نركز على أن نصبح جزءا من المجموعة، من خلال الطرق التالية:

– الانضمام الى جميع استراحات القهوة fika.

– مناقشة الامور المحايدة، الحقائق، أي شيء يمكن أن يكون كميّاً.

– اتباع ماتقوم به المجموعة بدلاً من القيام بشيء استثنائي.

– إبقاء الجميع على معرفة بما سوف يواجههم في العمل، وتبادل المعرفة معهم.

بعد القيام والتأمين على هذه الأمور ، نكون قد بنينا علاقة جيدة وثقة متبادلة مع فريق عملنا، ويمكننا بعد ذلك أن نبدأ في التركيز على أدائنا الشخصي. الأداء الشخصي الجيد، في هذه الحالة، يُعرّف بأنّه أي شيء يمكن أن يكون ذات فائدة للفريق بأكمله، وبالتالي لا يشكل تهديدا على الآخرين.

(قد يكون من المفيد الإشارة إلى أن الزيادات العالية في الأجور هي شبه معدومة في الثقافة السويدية . إذا كنت محظوظاً، سوف تحصل على زيادة مقدارها 5٪ في سنة واحدة. الطريقة الوحيد لتلقي زيادة عالية في الأجور هي تغيير الوظيفة).

لا تُقَيَّم على أدائك من قِبل مديرك في العمل

إذا كنت قد قمت بعمل متميز في مهمة معينة، أو أبعد من ذلك, إذا كنت قد أنقذت الشركة من الإفلاس. الآن أنت تنتظر تهنئة مستحقة من مديرك السويدي، أو على الأقل من واحد من زملائك. ولكن لا شيء يَحدث. يبدو أن الجّميع مشغولون في إنجاز عَمَلِهم اليومي، وأنت لا تتلقى أي تهنئة أو اعتراف بما قمت به.

هناك سببان لهذا. أولا: السويديين لا يؤمنون بالإشراف على الآخرين. إذا كنا قد وافقنا على اعطائك العمل، سوف نكون على ثقة أنك سوف تتوافق مع أخلاقيات ومعايير العمل ، ونحن لا نتوقع منك أداء لا أفضل ولا أسوأ. الإشادة بك قد تعني أننا قد كنا نحاول التحقق من عملك، وأنه وفقا للعقلية السويدية، هذا يعتبر رعاية بطريقة أو بأخرى, أو علامة على انعدام الثقة. في الواقع، فإننا نبين احترامنا على مهنيتك عن طريق عدم التعليق على عملك.

ثانيا: وكما ذكر سابقا، أداء المجموعة هو دائما أكثر أهمية من الإنجازات الفردية، من وجهة النظر السويدية, تمييزك عن الآخرين يعتبر تطفلاً وإحراج لك.

إذاّ كيف يمكنك أن تعرف أنك تقدم اداءً جيداً؟ هذا لن يتم إخبارك به بشكل مباشر، ولكن ستلاحظ تغيرات صغيرة في مسؤولياتك.على سبيل المثال, إذا طلب منك تدوين الملاحظات خلال الاجتماع، فإن الأمور تسير على ما يرام.

العمل

الخصوصية مهمة جداً

يبدو وأن لااحداً يهتم بك

في الواقع، ليس فقط مديرك في العمل ولكن معظم زُملائك السويديين ، يبدون غير مهتمين في شخصك و حالك . لا أسئلة مفصّلة عن عائلتك. لا حفلات العشاء. لا مناسبات اجتماعية خارج العمل على الإطلاق. إذا في يوم ما أتيت إلى العمل مكسور الذراع ، فمن غير المستبعد أن لا أحد سوف يسألك عن ما حدث. على الأرجح أن يبدو زميلك السويدي غير مهتم بك شخصياً.

قد يكون رد فعلك الأول أن هذا لأنك أجنبي. يمكنني أن أؤكد لك أن هذا ليس هو الحال. نقوم بنفس هذا الموقف البائس تجاه زملائنا السويديين. رغم وأنه قد يبدوا غريباً، ولكن في الواقع نحن نحاول أن نكون مهذبين معك من خلال احترام خصوصيتك.

المنطق هنا هو: إذا كنت تعرف أن زملائك يعلمون عن حياتك الخاصة، ستقوم ربما بخلق حياة خاصة لاتتناسب مع قيمك- من أجل ترك انطباع جيد في العمل.عند عدم الاستفسار عن حياتك الخاصة, نحفظ لك حريتك في القيام بما تريد, من غير الخوف من أن ما تقوم به قد يلحق الضرر بصورتك المهنية.

الملخص

الاعتقاد السويدي عن التهذيب هو أنه احترام وحماية خصوصية كل فرد . ونحن نعتقد أن أفضل طريقة لضمان الخصوصية هو معاملة الجميع على نفس السويّة من غير تمييز. إذا أحداً لم يبرز من المجموعة, لاأحد سوف يكون مميزاً عن الآخرين.  ونحن لن نسأل عن حياتك الخاصة، ولن نبوح عن حياتنا الخاصة ايضاً. وسوف لن نضعك في حالة حيث يتضح اختلاف الآراء بيننا، لأنه بعد ذلك سوف يبدو أننا مختلفين. وسوف لن نحرجك و زملائك بذكر أي اختلاف بينكم- كذكر أدائِك الجيد في العمل. وأيضاً لن نزعجك في ذكر معلومات غير ضرورية. نحن فقط نريدك أن تتماشى مع أمورك بشكل طبيعي, وأن لا تُجبر على التماشي مع علاقات اجتماعية مُفتعلة. نحن فقط نريدك أن تكون حراً في اختياراتك.

بإمكانكم إيجاد المقالة الأصلية لـ Sofi Tegsveden Deveaux هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى