الجائحة تهدد مستقبلهم وأحلامهم.. اللاجئون في الغرب يواجهون تحديات قاسية مع إغلاقات كورونا
أتى حمزة ألنس إلى كندا ليبدأ حياة جديدة بعد الفرار من الحرب الأهلية في سوريا، وصل الشاب البالغ من العمر 26 عاماً إلى مقاطعة كولومبيا البريطانية بكندا في 15 يناير/كانون الثاني 2020 مع شريكة حياته جوليا. وبعد أسبوعين من وصولهما بدآ العمل في فندق فورسيزونز بمدينة ويسلر.
لكن فيما بعد، في 25 يناير/كانون الثاني، سجلت كندا أول “حالة افتراضية” مصابة بكوفيد-19، إذ أدت جائحة فيروس كورونا في نهاية المطاف إلى إجراءات إغلاق واسعة النطاق وتدابير للتباعد الجسدي.
وتحول المنتجع الجبلي الذي كان يعج بالحياة في يوم ما إلى مدينة أشباح. وفي 11 مارس/آذار، فقد حمزة وظيفته والسكن المُقدم معها.
“أشعر بالخوف من الغد”
يقول حمزة لموقع هيئة الإذاعة الكندية CBC: “كنت أبني نفسي من جديد ثم حدث ما حدث. أشعر بالخوف من الغد؛ لأن لا أحد يعلم ما الذي يخبئه الغد”.
يُسمح لحمزة بالعيش في سكن الموظفين الذي يقدمه فندق فورسيزونز حتى نهاية أبريل/نيسان، ولكن بعد ذلك، يجب أن يجد هو وشريكته مكاناً جديداً للعيش فيه.
ويفكر في الانتقال إلى مدينة فانكوفر للعثور على وظيفة أخرى وبيت جديد، لكنه يعترف بأن مدخراته لن تغطي إلا بضعة أشهر.
قال لورين باليسكي، مدير المشاركة في مبادرة Kinbrace، التي تقدم خدمات دعم وإسكان للاجئين في كولومبيا البريطانية، إن الوافدين الجدد من اللاجئين يواجهون عقبات أكبر في الوصول إلى السكن والمساعدة المالية الثابتة بسبب الجائحة.
ومن بين عملائه أم عزباء شابة من شرق إفريقيا، وصلت إلى كندا طلباً للحماية في 20 مارس/آذار 2020. أُرسلت هذه الأم إلى مأوى مؤقت وتواصلت مع محامٍ ليساعدها في أن يحصل طلبها على صفة لاجئ.
العيش في ملجأ للمشردين
بعد مرور أسبوع، بدأت مكاتب الهجرة تغلق أبوابها، وصدر إقرار بشأن رسالة الطلب التي قدمتها المرأة يقر بطلبها لدخول نظام تحديد وضع اللاجئ، لكنها لم تحصل على بطاقة الهوية السارية التي تحتاجها لفتح حساب بنكي والتقدم للحصول على تصريح عمل وتقديم طلب للحصول على رقم تأمين اجتماعي، وفقاً لما قال باليسكي.
تعيش المرأة في ملجأ للمشردين، ورغم أنها تحصل على إعانة دخل، فبدون حساب مصرفي تكافح من أجل صرف الشيك الشهري.
قال باليسكي: “ما يثير قلقي هو أن تلك الفئة السكانية الضعيفة بالفعل، التي تبذل أقصى ما في وسعها من أجل البقاء على قيد الحياة، تعاني أكثر من ذلك وتغلق أنظمة الترحيب والانتماء الأبواب في وجوههم بسبب الفيروس”.
وأضاف: كلما طالت مدة منعهم من الاستقرار تعقدت أكثر إمكانية تكيفهم مع الوضع.
افتقاد الوضع العادي
يعرف حسن القنطار شعور كيف يكون عالمك مقلوباً في ظل حالة من عدم اليقين. في عام 2018، حشدت محنته بوصفه لاجئاً سورياً اهتماماً عالمياً عندما عاش في مطار كوالالمبور الدولي في ماليزيا لسبعة أشهر حتى لا يُعاد إلى سوريا.
في نهاية المطاف، وصل الشاب البالغ من العمر 38 عاماً إلى كندا، وعمل في فانكوفر وويسلر منذ ذلك الحين.
كانت وظيفته الأخيرة في منتجع Scandinave Spa بويسلر. وقبل شهر واحد فصلوه عن العمل، مع أنه لا يزال يقيم في سكن الموظفين.
ضحك حسن عندما قال إنه اكتسب خبرة جيدة في عيش حياته في حالة من عدم اليقين، لكنه يعزو تلك الحالة من افتقاد الوضع العادي إلى ما مر به في سوريا، عندما اندلعت الحرب عام 2011.
وكتب في عمود نشرته هيئة الإذاعة الكندية CBC قائلاً إن الجائحة حولت الجميع إلى لاجئين. وأردف: “اعتدنا كذلك أن نطرح على أنفسنا السؤال الذي يسأله العالم كله الآن: متي سينتهي ذلك؟ متى سنعود إلى حياتنا الطبيعية؟”.
أشار حسن، وهو لاجئ مقيم بشكل دائم في كندا، إلى أنه في صراع مع مشاعره حيال العيش في ظل جائحة كوفيد-19. إنه يعرف بشكل مباشر أن اللاجئين العالقين حول العالم لديهم مخاوف أكثر إثارة للقلق من معظم الكنديين في الوقت الحالي. لكنه يشعر أيضاً بالخوف والقلق والتوتر الذي يشعر به كثيرون في جميع أنحاء العالم.
وقال: الكوابيس بدأت تراوده عن سوريا من جديد، وعن عائلته، وعن الوقت الذي عاشه في المطار، وعن والده الراحل.
“الناس تصارع حقاً”
تتفاقم تحديات الصحة النفسية للأشخاص الذين عاصروا “صدمة مروعة” مثل اللاجئين في ظل إجراءات التباعد المفروضة في جميع أنحاء البلاد، وذلك وفقاً لما قاله الدكتور مب راشد، المدير الطبي في عيادة Crossroads Clinic بمستشفى كلية البنات، وهي أول عيادة داخل مستشفى في تورنتو مخصصة لصحة اللاجئين.
وقال: “نرى الناس يعانون حقاً من الشعور بالوحدة وقلة التواصل الاجتماعي”. يشعر حمزة بالسعادة بالعيش في كندا، لكنه قال إنه بدأ يعاني من الخوف ذاته الذي كان يعانيه في سوريا عندما اعتاد أن يستيقظ كل يوم على المزيد من الأخبار السيئة.
وأضاف: “يثير الوضع حقاً الكثير من الأشياء. إنه يخيفني كثيراً. أعتقد أن هذا هو سبب الشعور بالاضطراب داخلي”.
تبذل العيادة الصحية في تورنتو قصارى جهدها من خلال إجراء الاستشارات عبر الهاتف أو الإنترنت، لكن راشد قال إن الإجراءات الجسدية مثل مسحة عنق الرحم واختبارات ارتفاع ضغط الدم من المستحيل إجراؤها عن بعد.
يتمثل أكبر مخاوف راشد في أن يكون الوضع “العادي الجديد” يلحق ضرراً بما يقول عنه إنه “أهم شيء عندما ترى شخصاً وصل للتو إلى البلاد”.
وقال إنه من الأهمية بمكان تنمية الثقة مع مريض جديد، خاصة أولئك الذين لم يسبق لهم أن حصلوا على الرعاية الصحية الأولية. وأضاف: “أكثر ما يهم في تلك الزيارة الأولى هو التأكد من أنهم يشعرون بالراحة الكافية لضمان عودتهم في زيارة ثانية”.
لاجئون عالقون
إلى جانب المنظمة الدولية للهجرة والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، علّقت الحكومة الكندية إعادة توطين اللاجئين في 17 مارس/آذار.
صرحت المنظمة الدولية للهجرة بأن الإجراء الذي سيسر “ما دام أنه يظل ضرورياً” يستهدف حماية اللاجئين من التعرض لفيروس كورونا بسبب السفر.
لكن هذا الإجراء حصر فعلياً 7500 لاجئ كانوا في طريقهم إلى كندا. يعيش هؤلاء في حالة من عدم اليقين حول العالم، حيث يعيش الكثيرون في مخيمات وأماكن مكتظة، وفقاً للمنظمة الدولية للهجرة.
حصل أولئك الأشخاص على تأشيرات الإقامة الدائمة وسُمح لهم بالقدوم إلى كندا، وفقاً لما قاله كريس فريزن، مدير شؤون الاستيطان في جمعية خدمات الهجرة بكولومبيا البريطانية.
وأضاف: “هؤلاء الأشخاص عالقون الآن في جميع أنحاء العالم في انتظار إمكانية إعادة توطينهم في هذا البلد”.
وفد اللاجئون في المقام الأول من سوريا والعراق وإريتريا والسودان وإثيوبيا قبل تنفيذ إجراءات التعليق، ولا مجال الآن لمعرفة متى يمكن لهؤلاء الكنديين الجدد الوصول إلى بلدهم الجديد.
“سرعة تكيف هائلة”
بالعودة إلى العيادة الصحية للاجئين في تورونتو، قال راشد إنه بينما يجد الكثير من اللاجئين أنفسهم في مواقف صعبة للغاية بسبب كوفيد-19، يمكن أن يتعلم الكنديون منهم. وأردف: “من المهم أن نتذكر أن اللاجئين هم سكان سريعو التكيف للغاية”.
يريد حسن أن يعرف الكنديين أنه شهد وضعاً أسوأ من الحالي. وقال إن جائحة عالمية تختبر إنسانيتنا مثلما هو الحال مع الحروب.
وأضاف: “ما أريد أن أخبرهم به هو أن (هذا) شيء مؤقت يمكننا تجاوزه، فقط عليهم أن يتحلوا بالصبر، إنهم بحاجة إلى التفكير على غرار السوريين، وأن يكونوا هادئين ويعيشوا يوماً بيوم”.